الدنيا مليئة بالقصص والروايات وكاننا فى قطار ومن هذه القصص رواية حدثت معى بالفعل داخل قطار ابو قيربدات الرحلة عندما تحرك قطار ابى قير بالاسكندرية من محطة مصر وكان القطار ملىء بالركاب
ورايت بعض الباعة الجائلين يرمون بضائعهم المختلفة من ولاعات او دبابيس اوكتب تعليم الانجليزية
او اذكار الصباح والمساء الى اخره ويعود بسرعة يجمع ما القاه تجد غيره يقوم بنفس العملية ببضاعة مختلفة
ولاحظت مرور كثير من المتسولين ولفت نظرى مرور امراة مسنة عمياء تدعى انها ارملة وتعول اولادها
وتحتاج للمساعدة وتردد ما تقول باستمرار وكانها شريط كاسيت وفى احدى المحطات نزلت وكنت اتابعها
وفوجئت بها تقفزوتنتقل الى الجهة الاخرى اى انها كانت تمثل والحقيقة انى صدقتها مما يعنى انها
لو مثلت لنجحت باقتدار ولو لعبت رياضة لاخذت جوائز فى القفز ومازال القطار يمضى حتى وصل الى
محطة العصافرة ونظرت من الشباك اثناء تهدئة القطار كى يدخل المحطة رايت بعينى رجل يضرب طفل
صغير فى السادسة من عمره تقريبا بوحشية ولفت نظرى ان المارة لا يتدخلون لانقاذ الطفل من هذا الرجل
ونزلت من القطار مسرعة وحاولت منعه من ضرب الطفل وتشاجرت معه وهذه المرة تدخل المارة
وقال لى لماذا تدافعين عنه انه متشرد ومجرم وامسكت الطفل ولاحظت انه لم يلمح نظرة عطف من اى
انسان من قبل واجلسته بجانبى على كرسى داخل المحطة وجاء طفل اخر مسرعا اظنه كان يراقب الموقف
من بعيد وجلست وسط الطفلين الذى يدل منظرهم انهم من اطفال الشوارع كما يقولون ومسحت دم الطفل بمنديل وسالته اين يقيم فقال لى انه يعيش باخر محطة فى ابو قير وقلت له اين اهلك فاجاب انه لا يعرف
اى شىء عنهم فقلت له هل لو توفر لك منزل واسرة توافق فقال باللفظ يا ريت وسالت الطفل الاخر نفس
السؤال فقال نعم اريد ان انام فى بيت مثل باقى الاطفال واذهب الى المدرسة وفكرت اين اذهب بهم
وترددت للحظة هل يجب ان اضعهم وسط ابنائى ام ابحث لهم عن مكان مناسب وسالتهم هل تاتون معى
فاجابنى سوف ارد عليكى ولكن ليس الان فاعطيته رقم تليفونى وقلت له اننى سوف اتى له مرة اخرى
ومعى اشياء حلوة وسالنى زى ايه فقلت له ملابس جديدة وطعام شهى وكان فرحا لانه ولاول مرة
يعامله احد كطفل برىء وليس مجرما والغريب ان كل من يمر علينا يقول لى باللفظ يا ابلة كبرى دماغك
هل الى هذا الحد اصبح الطفلين خطرين على المجتمع ويخافهم الناس ام هو عدم الايمان وعدم التكافل الاجتماعى وقفز الطفلين الى العربة التى تجر القطار وهما يودعانى بكل حب وحنان وهم يقولون لى
فى المرة القادمة سوف نذهب معكى وقلت له ما اسمك قال محمود وقال سوف اتصل بكى
ولكنه لم يتصل وانا الى الان فى انتظار مكالمته حيث اننى دبرت له مكانا عند جارة لى قالت عندما
حكيت لها القصة انها على استعدادلتحمل نفقاتهم اذا وافقا على العيش معها
وفى طريق عودتى بعد ان انهيت مشوارى رجعت الى المحطة وركبت القطار للعودة واثناء جلوسى فى القطار كنت شاردة فى التفكير بامر الطفلين وكنت اقول لنفسى اذا كان هذا شان الاولاد ونظرة المجتمع لهم فما بالنا بالبنات ماذا يحدث لهم واثناء شرودى فوجئت بفتاه صغيرة لا يتعدى عمرها اثنى عشر عاما تجرى من امامى داخل القطار وخلفها ثلاث شباب وامراة وتجرى منهم وتغلق باب كل عربة تمر بها واثار هذا الموقف فضولى فتابعتهم وظللت امشى خلفهم من عربة الى اخرى حتى وصلوا الى اخر عربة ورايت المراة تمسك بتلك الفتاه الصغيرة والتف حولها الثلاث شباب ولاحظت على وجوههم الاجرام واظن انهم كانوا اطفال شوارع وكبروا وتحولوا الى مجرمين وكانوا ينادون المراة بالمعلمة سماح وحاولت التدخل ولكن احد الركاب امسك بيدى بشدة واجلسنى بجانبه وكان يظهر عليه الوقار وقال لى هل هذه اول مرة تركبى هذا القطار فقلت اننى اركب القطار كل فترة من الزمن فقال اذا لا تستغربى لما ترينه هذا يحدث كل يوم والسؤال هل وصلنا الى هذه الدرجة من اللامبالاة واين دور الدولة وقبل دور الدولة اين ضمائر المصريين واين واين واين ووصلت الى محطتى وانا افكر بما شاهدت ضحايا تفترس ضحايا ولا زلت افكر فى الحل ولم اجده لانى بمفردى ولو تكاتف المجتمع مع المؤسسات الخيرية ربما نجد حلا لمن يريد منهم ان يستقيم وهذه رسالة الى من يهمه الامر
امينة رافت محمود
amina.raafat@yahoo.com