السؤال: فضيلة الشيخ.. ما هي السنة والطريقة المثلى في الدعوة والنصيحة، وحسن الخلق مع الناس؟ بمعنى أنني كلما نصحت أحدًا أو وجهته لما فيه الخير، أو أوقفته على أخطائه، فإنه يحزن ويظهر ذلك عليه، ويحدث تغير في العلاقة بعد ذلك، وهذا متكرر، وكنت في أول الأمر أقول لنفسي: لعلي أنا أتكلم بأسلوب مستفز، ولا أختار كلمات عذبة أو طيبة. ومع الوقت.. وجدتُ أن الأمر ليس كذلك، بل إن الكثيرين يحزنون لأدنى إشارة لأخطائهم. وقد قال البعض: لكي تدوم المودة بين المسلمين فلا تنصح أحدًا إلا في باب النهي عن المنكر؛ لإبراء الذمة، أما فيما يتعلق بالذوقيات والآداب وحسن الخلق؛ فهاك حديث أنس -رضي الله عنه-: "خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرَ سِنِينَ، وَاللَّهِ مَا قَالَ لِي أُفًّا قَطُّ، وَلا قَالَ لِي لِشَيْءٍ: لِمَ فَعَلْتَ كَذَا.. وَهَلا فَعَلْتَ كَذَا.. " (متفق عليه). فهل هذا الاستدلال صحيح؟ وهل يؤكده أن واقع الحال يدل عليه خصوصًا في هذا الزمان؟
جواب السؤال
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فالحديث المذكور إنما هو في التغافل والتنازل عن الحقوق الشخصية، وأما ما كان من أمور الشرع -ولو كانت من الآداب والخُلق- فيشرع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيه؛ لأن المعروف ما عُرِف في الشرع حسنه واجبًا كان أو مستحبًا، والمنكر ما أنكره الشرع محرمًا كان أو مكروهًا، ولكن الأمر بالمعروف الواجب واجب، والأمر بالمعروف المستحب مستحب، والنهي عن المنكر الحرام واجب، والنهي عن المنكر المكروه مستحب.
وفي المستحبات يمكن ترك بعض الاختيار؛ مراعاة لحال الناس، كما في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لعائشة -رضي الله عنها-: (يَا عَائِشَةُ لَوْلا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِشِرْكٍ لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ.. ) (رواه مسلم).
وعلى أي حال فلا تنزعج من تغير الناس عند النصح؛ فإنها طبيعة أكثر البشر لا يحبون الناصحين.